{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} يعني المنافقين أو اليهود، {قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نزلَ اللَّهُ} وهم المشركون، {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ} في التعاون على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد، وكانوا يقولونه سرًا فأخبر الله تعالى عنهم، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر: بكسر الهمزة، على المصدر، والباقون بفتحها على جمع السر.{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ} الضرب، {بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} قال ابن عباس: بما كتموا من التوراة وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، {وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} كرهوا ما فيه رضوان الله، وهو الطاعة والإيمان. {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يعني المنافقين، {أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} لن يظهر أحقادهم على المؤمنين فيبديها حتى يعرفوا نفاقهم، واحدها: ضغن، قال ابن عباس: حسدهم.{وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ} أي لأعلمناكهم وعرفناكهم، {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} بعلامتهم، قال الزجاج: المعنى: لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة تعرفهم بها.قال أنس: ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين، كان يعرفهم بسيماهم.{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} في معناه ومقصده.واللحن: وجهان صواب وخطأ، فالفعل من الصواب: لَحِنَ يَلْحَنُ لَحْنًا فهو لَحِنٌ إذا فطن للشيء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض».والفعل من الخطأ لَحَنَ يَلْحَنُ لَحْنًا فهو لاحِنٌ. والأصل فيه: إزالة الكلام عن جهته.والمعنى: إنك تعرفهم فيما يعرضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين والاستهزاء بهم، فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه بقوله، ويستدل بفحوى كلامه على فساد دخيلته. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}.